رسوم النحاس الأميركية تهدد سلاسل الإمداد العالمية وتثير قلق المنتجين والمستخدمين

تواجه صناعة النحاس العالمية، التي تُقدّر قيمتها بنحو 250 مليار دولار، حالة من الاضطراب مع اقتراب موعد تنفيذ الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلنت عنها الولايات المتحدة، وسط غموض بشأن نطاق التطبيق الفعلي لهذه الإجراءات، بحسب ما نقلته صحيفة فايننشال تايمز عن مصادر رسمية.

وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا الشهر عن نية فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على النحاس اعتبارًا من 1 أغسطس المقبل، دون أن يحدد ما إذا كانت ستشمل المعدن المُكرر أو المنتجات شبه المصنعة أو خام النحاس، وهو ما أثار حالة من القلق لدى المنتجين الدوليين والمستخدمين الصناعيين على حد سواء.

قلق في الأسواق وتحذيرات من تهديد الصناعات الأميركية

من جهته، قال ماكسيمو باتشيكو، رئيس شركة كوديلكو، أكبر منتج للنحاس في العالم والمملوكة للدولة في تشيلي، إن حالة عدم اليقين تثير قلق العملاء، مشددًا على أن التجارة الحرة “مفيدة للطرفين”، ومؤكدًا استعداد بلاده لتزويد السوق الأميركية بالمزيد من النحاس المكرر لدعم التصنيع المحلي.

وأضاف باتشيكو: “إذا أرادت الولايات المتحدة تطوير صناعات تعتمد على النحاس، فإنها ستكون بحاجة إلى كميات أكبر من كاثودات النحاس”.

وبينما تنتج الولايات المتحدة كميات من خام النحاس، إلا أنها لا تمتلك طاقة صهر كافية لتغطية احتياجاتها محليًا، ما يجعلها تعتمد على الاستيراد من دول مثل تشيلي، التي تُصدّر أكثر من 60% من واردات أميركا من النحاس المُكرر.

الصناعة الأميركية في خطر

يحذر محللون من أن فرض الرسوم الجمركية قد ينعكس سلبًا على قطاعات صناعية حيوية في أميركا، أبرزها صناعة السيارات الكهربائية، ومراكز البيانات، وقطاع الدفاع، نظرًا لاعتمادها على منتجات النحاس شبه المصنعة.

وقالت غريسلين باسكاران، مديرة برنامج أمن المعادن الحيوية في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن:
“إذا تم تنفيذ الرسوم، فستكون هناك تداعيات متسلسلة على المستخدمين النهائيين، وسنشهد ضغوطًا داخلية لإعادة النظر في القرار، لما يمثله من تهديد لأجندة النمو الاقتصادي الأميركية.”

رسائل غامضة من البيت الأبيض وتساؤلات حول الاستثناءات

أثار الإعلان غير الواضح عن طبيعة الرسوم تساؤلات في الأسواق حول احتمالية خفض التعريفات أو تقديم إعفاءات لبعض المنتجات، وهو ما دفع المتابعين إلى التحدث عما يُعرف في الأوساط الاقتصادية بـ”تداولات تاكو” – اختصار لعبارة “Trump always chickens out”، في إشارة إلى تراجع سابق عن قرارات مشابهة.

وتشير التقديرات إلى أن الولايات المتحدة قد تفرض الرسوم على المنتجات النحاسية شبه المصنعة مثل الأنابيب والأسلاك والأشرطة، مع احتمال استثناء النحاس المُكرر من الرسوم الجمركية.

صعوبات تواجه صناعة النحاس عالميًا

تأتي هذه التوترات في وقت حرج لصناعة النحاس العالمية التي تعاني من انخفاض درجات الخام وارتفاع تكاليف التشغيل، ما يزيد من صعوبة إنشاء مناجم ومصاهر جديدة.

وتُعد الولايات المتحدة سوقًا مهمة لشركة كوديلكو، حيث تمثل 11% من مبيعاتها من الكاثودات.

وأكد باتشيكو: “لا نفهم بوضوح ما الذي تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقه من خلال هذه الإجراءات.”

أرقام هامة عن صناعة النحاس العالمية (2024-2032):

• قيمة سوق النحاس العالمية: 250 مليار دولار حاليًا، متوقعة أن تصل إلى 362.28 مليار دولار بحلول 2032.

• معدل النمو السنوي المتوقع: 5.6%.

• إنتاج النحاس العالمي (2024): 23 مليون طن متري.

• إنتاج تشيلي: 5.3 ملايين طن (23% من الإنتاج العالمي).

• صادرات تشيلي من النحاس (2024): 30.1 مليار دولار.

• الصين أكبر مستورد للنحاس في العالم (2023): 59.94 مليار دولار.