استقرت أسعار الفضة العالمية قرب أعلى مستوياتها منذ أكثر من 13 عامًا، وسط حالة من الترقب الحذر لقرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المرتقبة خلال سبتمبر المقبل، وتباين في مؤشرات الاقتصاد الكلي. وسجلت الفضة في السوق العالمية نحو 37.8 دولارًا للأوقية خلال تداولات الأربعاء، دون تغير يُذكر عن إغلاق الجلسة السابقة، وذلك في ظل تعاملات اتسمت بالحذر وضعف السيولة.
وفي السوق المحلية، استقر سعر جرام الفضة عيار 800 عند 52 جنيهًا، بينما بلغ سعر عيار 925 نحو 60 جنيهًا، وسجل جنيه الفضة من العيار نفسه حوالي 480 جنيهًا، وفقًا لتقرير صادر عن مركز “الملاذ الآمن” للأبحاث. كما استقرت أسعار السبائك والعملات الفضية رغم التحركات المحدودة عالميًا، ما يعكس ثباتًا نسبيًا في الطلب المحلي.
وعلى الصعيد الدولي، دعمت عدة عوامل أداء الفضة، من بينها التوقعات المتزايدة بأن يخفض الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة خلال اجتماعه المقبل، حيث تقدّر الأسواق احتمال ذلك بنحو 87% مدفوعة ببيانات اقتصادية ضعيفة، من أبرزها تباطؤ نمو الوظائف وتراجع مؤشرات قطاع الخدمات. كما أدى تراجع الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوياته في أسبوع إلى تعزيز جاذبية الفضة للمستثمرين الأجانب، ما دعم بقاء المعدن الأبيض قرب مستوياته المرتفعة.
ورغم هذا الزخم، فإن ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية حدّ من مكاسب الفضة، حيث دفع بعض المستثمرين إلى جني الأرباح وسط حالة من الضبابية السياسية، مع اقتراب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الإعلان عن مرشحين جدد لعضوية مجلس الاحتياطي الفيدرالي، واحتمالات تغييرات في رئاسة المجلس، وهو ما أضفى مزيدًا من التوتر على مشهد الأسواق.
وعلى الجانب الصناعي، لا تزال الفضة تستفيد من الطلب المرتفع، خاصة في مجالات التكنولوجيا والطاقة الشمسية، إذ تمثل الأخيرة وحدها نحو 15% من إجمالي الطلب العالمي على الفضة. كما أظهر السوق علامات على شح المعروض، حيث ارتفعت تكاليف اقتراض الفضة في لندن إلى أكثر من 6%، ما يعكس ندرة مؤقتة في الإمدادات، بالتوازي مع قيام الصناديق الاستثمارية باحتجاز كميات كبيرة من المعدن.
في المقابل، أشارت بيانات “بيرث مينت” الأسترالية إلى تراجع مبيعات العملات الفضية لأدنى مستوياتها في ستة أشهر، ما قد يدل على فتور نسبي في الطلب الفردي مع اقتراب الأسعار من مستويات تاريخية. ومع ذلك، يبقى أداء الفضة قويًا مقارنة بالذهب، حيث تراجعت نسبة الذهب إلى الفضة إلى 89، ما يشير إلى تفوق المعدن الأبيض نسبيًا خلال الفترة الأخيرة.
ويتفق المحللون على أن المسار المستقبلي لأسعار الفضة سيعتمد بشكل رئيسي على التطورات المرتقبة في السياسة النقدية الأمريكية، وحركة الدولار والعوائد، إلى جانب مؤشرات الطلب الصناعي والمضاربي، ما يجعل من الأسابيع القادمة فترة حاسمة في تحديد اتجاهات السوق.