في خطوة جديدة تستهدف زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، أعلنت الحكومة المصرية عن حزمة من الحوافز الاستثنائية الموجَّهة لقطاعات الصناعات التصديرية ذات القيمة المضافة العالية، مثل الصناعات الغذائية المتقدمة، الكيماويات، والأجهزة الإلكترونية. وتأتي هذه الخطوة بالتوازي مع خطة أوسع لتقليل فجوة الميزان التجاري وتعزيز حضور مصر كمركز إقليمي للتصدير نحو أسواق أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا.
تشمل الحوافز المعلنة تخفيضات جمركية على خطوط الإنتاج المستوردة، إعفاءات ضريبية جزئية لمدة خمس سنوات على المشروعات التي تتجاوز استثماراتها سقفًا محددًا، وتسهيلات في إجراءات تخصيص الأراضي الصناعية. كما ستُنشأ “منصة رقمية موحّدة” لتسجيل المستثمرين وتقديم خدمات التراخيص، في محاولة لتقليل الزمن والإجراءات البيروقراطية التي اشتكى منها المستثمرون في السنوات الماضية.
الحكومة تسعى أيضًا لربط هذه الحوافز بمؤشرات أداء واضحة، مثل نسبة المكوّن المحلي، حجم التصدير السنوي، والقدرة على خلق فرص عمل مباشرة. الفلسفة هنا أن الحوافز يجب أن تُترجم إلى مكاسب اقتصادية ملموسة وليست مجرد امتيازات للمستثمر.
أحد مسؤولي الهيئة العامة للاستثمار أكد أن الهدف هو “تحويل مصر من سوق استهلاكي ضخم إلى منصة إنتاجية وتصديرية”، مضيفًا أن الحوافز ستُمنح وفقًا لمعايير دقيقة تضمن مساهمة المشروعات في الاقتصاد الوطني.
كما أشار ممثل لإحدى الشركات الأوروبية إلى أن هذه الخطوة “تزيل عقبة كبرى كانت تواجهنا وهي تكلفة التشغيل العالية في البداية”، مؤكداً أن مصر تمثل فرصة فريدة بفضل موقعها الجغرافي واتفاقياتها التجارية.
التحليل والأهمية:
اقتصاديًا: جذب استثمارات في الصناعات التصديرية يعني زيادة تدفق النقد الأجنبي عبر عوائد التصدير، وهو ما يخفف الضغط على احتياطيات العملة الأجنبية.
سياسيًا: نجاح الخطة يعزز صورة مصر كوجهة آمنة للاستثمار، خصوصًا في ظل منافسة إقليمية مع المغرب وتركيا لجذب نفس القطاعات.
اجتماعيًا: الصناعات التصديرية بطبيعتها تحتاج لعمالة كثيفة في بعض المراحل (التجميع، التغليف، النقل)، ما يوفر فرص عمل واسعة للشباب.
تحديات محتملة: يجب معالجة مشكلات البنية التحتية مثل تكاليف النقل الداخلي وارتفاع أسعار الطاقة، وإلا ستبقى تكلفة الإنتاج عائقًا أمام القدرة التنافسية.
ومن المتوقع أن تشهد الأشهر المقبلة توقيع عدد من الاتفاقيات مع مستثمرين جدد، خصوصًا من آسيا وأوروبا الشرقية، للاستفادة من الحوافز الجديدة. نجاح هذه السياسة سيعتمد على الاستمرارية في تطبيقها، وتقديم ضمانات بعدم تغيير القواعد بشكل مفاجئ، وهو ما يطالب به المستثمرون دائمًا.

